أنواع النسك
"إذا أراد الحاج الإحرام فهو مخير بين الأنواع الثلاثة: ١-الإفراد: وهو أن يحرِمَ بالحج وحده؛ وهذا أفضل أنواع النسك، فيقول: نويتُ الحج وأحرمت به لله تعالى، أو يقول: لبَيك اللّهم حجّاً، وعليه أن يطوف للقدوم ويسعى للحج، ويبقى على إحرامه إلى أن يفرغ من أعمال الحج. ٢-القِرآن: وهو أن يحرِمَ بالحج والعمرة معاً؛ فيقول: نويتُ العمرة والحج، أو: لبَيك اللّهم عمرة وحجّاً، وعليه أن يطوف للقدوم و يسعى للحج، ويبقى على إحرامه، وإذا طاف للإفاضة فليس عليه سعيٌ؛ لأنه قد سعى بعد طواف القدوم، ويكفي القارن طوافٌ واحدٌ، وسعيٌ واحدٌ عن حجه وعمرته معاً. -٣ التمتع: وهو أن يحرم بالعمرة فقط، فيقول: لبيْك للّهم عمرة، أو: لبيْك اللّهم عمرة متمتعاً بها إلى الحج، وعليه أن يطوف ويسعى للعمرة، ثم يتحلل بالحلق أو التقصير، و يحل له جميع المحظورات إلى أن يحرم بالحج في يوم الثامن من ذي الحجة. وأما باقي أعمال الحج فيستوي فيه المفرد والقارن والمتمتِع، كما في الخطوات التالية."
الإحرام
إذا أراد المسلم الإحرام فيسنُ له أن يتنظَف بقلم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب، ثم يغتسل، وتغتسل الحائض وغيرها. ويجب على الرجل أن يتجرَد من المخيط سواء كان كبيراً أو صغيراً، وأن يكشف رأسه، ثم يلبس لباس الإحرام؛ وهو إزارٌ يلفُه على وسطه، ورداء يضعه على كتفيه، ونعلان، والأفضل فالثياب البياض، ويسن له بعد الاغتسال أن يصلّي ركعتين يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة (الكافرون)، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة (الإخلاص)، ولو قرأ غيرهما كفى. والمسافر بالطائرة يمكنه أن يفعل هذه الأمور في بيته، ويؤخِر الإحرام إلى أن يحاذي الميقات، لأن الإحرام قبل الميقات مكروه إلا إذا خشي أن يجاوز الميقات دون إحرام بسبب عدم معرفته لوقت الوصول إلى الميقات أو عدم تنبيه قائد الطائرة؛ فلا حرج أن يحرم بعد إقلاع الطائرة، فيحرم بالنسك الذي يريده من الأنساك الثلاثة، وأما المسافر برّاً فيمكنه فعل ما سبق في الميقات، ولا يجوز للحاج مجاوزة الميقات من غير إحرام.
التلبية ومايتعلَق بها
" والتلبية أثناء الإحرام واجبة على الرجل والمرأة، والمرأة لا ترفع صوتها بالتلبية والإتيان بالتلبية بعد نية الدخول في النسك واجبٌ بحيث لا يفصل بين التلبية ونية الدخول في النسك بفاصل طويل. وصيغة التلبية: ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ، لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ)) وينبغي للحاج أن يجدِد التلبية ندباً كلَما تجدِد له حال؛ كأن قام بعد جلوس، أو صعد بعد هبوط، أو استيقظ من نوم، وهكذا. فإذا وصل المسجد الحرام دخل من باب السلام إن تيسَر له ذلك اقتداءً بالنبي(صلى الله عليه وسلم) ، ولاحرج في أن يدخل من غيره، وعند دخوله يقول: (بِسْمِ اللَّهِ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ) وإذا رأى الكعبة قال (الَلهم زدْ هذا البيت شرفاً وتعظيماً، وتكريماً ومهابةً، وزدْ من شَرَفَه وعظمَه وكرَمَه ممن حَجّه واعتمره تشريفاً وتكريماً وبرِّاً، اللهُم أنت السلامُ ومنك السلامُ فحِينا ربنا بالسلام) ويكثر من الدعاء. "
السعي وما يتعلَق به
"ثم يتوجَه إلى الصفا، فيقف مستقبلاً الكعبة فيكبر ويهلِل، فيقول: «الله أكبر الله أكبر، لا إلٰه إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده« ثم يدعو ويصلِي على النبيِ صلى الله عليه وسلم، ثم ينزل ويمشي، ويهرول الرجال دون النساء بين العَلَمين الأخضرين، ثم يمشي حتى يصلَ إلى المروة، فذلك شوطٌ، فإذا وصل إلى المروة صعد عليها ويفعل كما تقدم في الصفا، وهكذا حتى يستكمل الأشواط السبعة، فيحسب ذهابه إلى المروة شوطاً وعودته إلى الصفا شوطاً آخر.ويشترط في صحة السعي أن يسبقه طوافٌ، فإذا فرغ من السعي فينبغي أن يشغل نفسه بالتلبية وذكر الله تعالى، ويستمر المفرد والقارن على إحرامه إلى ثامن ذي الحجة، وأما المتمتِع فإنه إنما أحرم بالعمرة فقط، فإذا أدى طواف العمرة وسعيها فإنه يتحلل بالحلق أو التقصير، ويكون قد انتهى من عمرته، ويحلُ له جميع محظورات الإحرام إلى أن يحرم بالحج من جديد."
الطواف وما يتعلق به
"ثم إذا أراد الطواف فيشترط أن يكون متوضئاً ساتراً لعورته، ويتوجَه لاستلام الحجر الأسود فَيُقَبِله إن تيسَر له ذلك بدون مزاحمة، وإنْ لم يستطع استلمه بيده ووضع يده على فيه، فإن لم يستطع بسبب الزحام كبَر عند مقابلته فقط، ولا يصحُ لأحد المزاحمة للوصول إلى الحجر الأسود لما في ذلك من إيذاء للطائفين، وإذا استلم الحجر الأسود فينبغي أن يتأخَر قليلاً جهة الركن اليماني ثم يبدأ في الطواف، ثم يتم سبعة أشواط، فلو نَقَصَ من الشوط السابع مقدار شبر لمْ يتمَ طوافه، لذا ينبغي في الشوط الأخير أن يتجاوز الحجر الأسود قليلاً احتياطاً، ويجب أن يجعل الكعبة عن يساره، وكلَما حاذى الحجر الأسود كَبر ندباً. ويرمل الرجل في الثلاثة الأشواط الأولى والرمل: هو حركةٌ فوق المشي ودون الجري، وهو سُنَةٌ وليس بواجب، ولا يطلب منه كشف كتفه الأيمن وهو ما يعرف بالاضطباع .ويكثر من الدعاء والتضرُع في طوافه، ويدعو بما شاء من الدعاء، ويراعي عند الزحام البطء في حركة الطائفين، ويستحبُ أن يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، [البقرة: ٢٠١] فإذا انتهى من الأشواط السبعة، صلى ركعتين خلْفَ مقام إبراهيم إن استطاع، وإلا ففي أي مكان من المسجد.ويجب أن يوالي بين أشواط الطواف، وبين الطواف والركعتين اللتين بعده، وبين الركعتين والسعي. "
النزول بمزدلفة
" فإذا وصل الحجاج إلى مزدلفة يستحبُ أن يبادروا بالصَلاتين المغرب والعشاء جمعاً وقصراً مع التأخير، والنزول الواجب في مزدلفة إنَما هو بقدر حط الرحال أي: بقدر ما ينزل الحاجُ ويصلِي المغرب والعشاء ويُنْزِل أمتعته ويتناول العشاء فلو حصل المكث بمزدلفة بمقدار ذلك مع بقاء الأمتعة في السيارات فذلك كافٍ، وأما المستحب فأن يبيت بها الحاج إلى الفجر، فإذا طلع الفجر صلى الفجر في أول وقتها، ويستحب أن يلتقط الحصيات التي سيرمي بها جمرة العقبة من مزدلفة، فإذا ظهر الضوء سار إلى منى. "
يوم التروية
فإذا كان ثامن ذي الحجة فيسنُ لكلِ حاج أن يتوجَه إلى منى ليصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر كل صلاة في وقتها، ويقصر الرباعية منها، والسُنَة ألا يخرج من منى حتى تطلع الشمس، ويجوز الخروج من منى قبل ذلك تفادياً للزحام، فإذا طلعت الشمس فيتوجه إلى عرفة، ويستمر الحاج في التلبية يوم الثامن وصبيحة التاسع حتى إذا زالت الشمس قطع التلبية واشتغل بالدعاء والابتهال.